الثلاثاء، يونيو 02، 2009

عضوا على أزمانكم بالنواجذ..!




"..جرّب أن تكون أنتَ...في زمنٍ غير زمنكَ...وقدرٍ غير قدرك.."

"..أوقفوا زحف الزمن القادم قبل أن يداهمكم...أوقفوه ما استطعتم..! "
صبحٌ يُمسك جدائل الليل بطرف إصبعه الصغير,والليل يحايله مراراً,بيد أن أذرع الشمس الطويلة مسّدت على يده ثم لكزت إصبعه فانفلت..
مازلت أمارس رياضة التقمص على الضفة العكسية تماماً كما تفعل المرآة بالصور,تماثلها لحظة ثم سرعان ما تستبدلها بأخرى,تارة أتمثل دور مسنٍ يتوكأ على شفرةِ زمنٍ بثقل ما يختلج بداخله فضلاً عن ثقله..!
حتى طفقت أتحسس فكيَّ "..الحمد لله...فمازالت الأسنان بحوزتي.."هلعة...شتت غيوم التقمص تلك التي تلبدت على فكري بإيماءةٍ سريعةٍ برأسي,وحشرت الشفرة بين فكيَّ...عجنتها...مزقتها..!
دورتُ بنظري على ضفاف نهر الحياة ...مياه براقة يخيل لمن يراها أن ثمة نجمٍ تشظى بداخلها,وهناك شلال رقراق يتدفق بشدة نحو الأعلى..!حاولت الوقوف على رأسي علّني أراه كما عهدته غير أن قدمي لم ترق لهما الفكرة وعاودتا النكوص للأرض "..ما فتئت الأرض تجذب الأشياء نحوها..إذاً ما بال الشلال ذا ..؟!
لابد أن هناك ثمة بركان مائي,سأقترب لأرى.."
سحبتني دوامة نحو الشلال ولم تأبه لاستغاثاتي حتى غبت عن الوعي,وجدتني عائمة فوق غيمة غارقة في الفضاء " أين أنا.... أين العالم ..؟!"
الفضاء ...يلفني .... ولو أن الغيمة تلك تخلت عني لتهاويت في كنف فضاء سحيق ...!تزحف بي بينما كنت أدس وجهي بها قابضة بيدي على شيءٍ ما ذا ملمس قطني مبلل بالغربة ...تزحف بي ... بتؤدة في الفضاء ,ثم عصرتني كقطرة في قرية ما ذات منافذ عديدة مثل خلية النحل ,كُتب أعلاها " قرية صغيرة ... العالم هنا ..."
ولجت عبر منافذ وكنت أدور في دهاليز عديدة جداً حتى أصل لبلدةٍ مطموسة المعالم .."هه ... رحلة حول العالم ,بيد أن كل بلد طبق الأصل للآخر..!"
شيء واحد لفت نظري ,العربات... السيارات...الدراجات ...لم يعد لها أي أهمية فهنالك شوارع متحركة متعاقبة تقف عليها وتسير بك حيث تريد ..!ذاك الشعور الذي ينتاب الغريب ,يسيطر علي...يملأني حنين يكبر شيئا فشيئا حتى يجثم على قلبي , فيدفعني حتى أخرج سريعاً, حتى تهلل وجهه الحنين في داخلي إذ رأيت رؤوس النخيل .. وقد تزاحمت لتسد الأفق ,ملوحة وكأنها ترحب بي,"هنا يطيب لي المقام ...ساقبّل ذرات التراب...واستنشق الهواء بنهم "هذا النسيم يعرفني جيدا فقد وثب نحوي,وكأنه تاق لي كثيرا كما تقت إليه..!ماذا أرى..؟!
ذات الأمكنة التي ألفت...والناس غير الناس..؟!
آدميين لم أميز أي نوعٍ هم..!,الزي...الحليّ قاسم مشترك بينهم,رؤوسهم كمصباتِ نهرٍ جارٍ على أكتافهم,أو كمخازن لأكوام قشٍ, وآخرين بمقاساتٍ صغيرة ,سمعت أحدهم ينادي " ماما...بابا.." ,فركت عيني علني أفرق بين والديه دون جدوى..! لغة التخاطب بينهم لم أعهد مثيلها...عربية مهجنة,لم أستوعبها كثيراً..!
صادفتني [ قرية الجنادرية ] ..." ياااه...كم أنا متشوقة لرؤية تراث أجدادي...الحصير...الخيام...السدو.."ولجت متلهفة بخطٍ حثيثة, كل شيء كان هناك أعرف أدق التفاصيل عنه,ففي قسم الألبسة مَنيكَان أُلبسَ ثوب و شماغ وعقال– طقم رجالي- بجانبه آخر أُلبسَ عباءةً سوداء "هذه ذات الألبسة التي ألفتها..!! "
لم أحفل كثيراً بتلك الألبسة بيد أني فوجئت بأجهزة الاتصالات والكمبيوتر والأقراص المدمجة والليزرية في القسم الآخر " أي زمن ذاك الذي كنت فيه..؟!
أكان زمنً غير زمني..؟!"
رعب وغربة دكت جوانحي صاحبها دوار غيّبني عن الوعي.

ليست هناك تعليقات: