الأحد، أغسطس 31، 2008
رَسَاْلَةُ حُبٍّ
عِنْدَمَا خَذَلْتُ حَبِيّبِيَّ
وَهُوَ مَنْ يَسْتَحِقُ الحُبَّ...عَنْدَمَا يَغْدُرُ بِنَا كُلُ حَبِيّب؛
هُوَ أَعْذَبُ الحُبّ..عِنْدَمَا نَشْدُو بِهِ لَحْنَاً؛وهُوَ بِكُلِ أَسَفْ إِدَانَةٌ عَلَيّنَا بِالخُذْلَانِ؛
هَذِهِ خَاطِرةَ كَتَبْتُهَا عَنْ الرُسُوُمِ الدِنَمَاركَيةِ المُسَيئةُ لِلحَبِيّب مُحَمّد صَلّى اللّهُ عَلَيهِ وسَلّم؛عَلّ القٌلَمَ يُجيدُ صِياغَةَ عُذْرَي؛
/
/
/
خَذَلّتُهُ كَعَادَتِي!!!
ولَمْ يَكُنْ يَسْتَحِقُ مِنِي الخُذْلَان!!!
تَعِبَ مِنْ أَجْلِّي...حَمِلَ هَمِّي ...وأَسْهَبَ فِي نُصْحِي....وأَخَذَ بِيَدِي... ووَضَعَنِي عَلَى الطَرِيْقِ..... وقَاَلَ...لَنْ تَضَيعِي إَنْ أَطَعّتِ أَمْرِي؛فَكُل أَوْرَاقِي... وحِبْرُ أَقْلَامِي....لَنْ يُطِيْقَا ذِكْرُ أَفْضَالُهُ عَلَيَّ...ولَكِنْ مَا أُطِيْقُ قَوْلَهُ ...كَيْفَ كَانَ شُكّرِي لَهُُ؛سَأَحْكِي لَكُمْ ...عَلَّ القَلَمُ ...يُجِيْدُ صِيَاغَةَ عُذْرِي :فِي خِضّمِ حَيَاتِي المَلِيْئَةَ بِالأَحْدَاثِ...وبِكُلِ مَا يُشْغِلُنِيّ عَنْ تَذَكُرِ اسْمِيّ ....لَمْ أُخْبِر أَطْفَالَ كَوْكَبِيّ بِأَهَمِيَتَهُ لَدَيَّ؛لَمْ أُخْبِرَهُمْ بِأَيِّ فَضْلٍ مِنْ أَفْضَالِهِ....لَمْ أُخْبِرَهُمْ بِأَيِّ شَيٍّء عَنْه ....فَقَط يَعْرِفُونَ اسْمَهُ....لَمْ يَرَوهُ ...أَوْ حَتّى يَعْرِفُواْ وَصْفَهُ؛فَمَاذَاْ فَعَلُواْ بِهِ؟!هَمَّشُوه ....سَخِرُواْ مِنْهُ ....لَمْ يَحْتَرِمُوْهُ....تَجَرَؤُا ْ عَلَيْهِ....بِمَرْأَى ومَسّمَعٍ مِنِي!!!
خَمَنُواْ لَهُ شَكْلاً صَاغَتْهُ عُقُولُهُمُ الصَغِيْرَةُ....ورَسَمَتْهُ أَيْدِيِهِم ....ومَا الذِيّ فَعَلْتَ ؟؟
لَمْ أَفَعَلَ أَيَّ شَيء!!!
فَأَنَا لاْ أُجِيْدُ مُخَاطَبَةَ الأَطْفَالِ...ولَاْ أَقْوَى عَلَى تَوْبِيْخِهِمْ...وتَوْبِيــخُ الطِفْلِ يَزِيْدُهُ عِنَاداً!!!
حَاوَلّتُ اسكاتَهم...و أَظْهَرْتُ غضبي....ولَمْ يَعْبَئُواْ بِيّ ....حدَّثتهم بِهُدُوْءٍ ....ولَمْ يُعِيْرُواْ كَلَامِيَّ أَيَّ اهْتِمَامٍ...فَقَدْ أَصْبَحَ تَجَرُؤُهُمْ عَلَيْهُ أفضلَ مَا يَتَسَلّوُنَ بِهِ!!!
وأَنْا أَحْتَرِقُ أَلَمَاً...فَضَعْفِيّ يُكَبِلُنِيّ!!!
مَنَعْتُ عَنْهُمُ الحَلّوَى ...والحَلّوَى أَحَبُّ مَا لَدَيْهِمْ!!!
فَكَأَنَهُمْ أحسَّوا بِشَنَاعَةِ صَنِيْعِهِمْ ...فَارْتَاحَتْ سريرتي...و هَدَأَتْ نَفْسِي ...وتَنَفَسْتُ الصّعَدَاءَ !!!
ولَاْ أُخْفِيْكُمْ سِرَاً...فَلَقَدْ تَرَاقَصَ قلبي فَرَحَاً بِمَا حَدَثَ ...فَأَنَا مِنْ الضَعْفِ لَاْ أَمْلِكُ سِوَى الحَلّوَى أُسَاوِمُهُمْ بِهَا!!!
لَكِنَنِيّ كُنْتُ كَأُمٍ حَنُونٍ لِهَؤُلَاءِ الأَطْفَالِ...فَقَدْ كَافَأْتُهُمْ عَلَى التزامِهِمالأَدَبَ تِجَاهُهُ بِأَنْ ضِاعَفْتُ لَهُمْ الحَلّوَى؛ويَا لِلْأَسَف...!!
فَقَدْ عَادُواْ لِأَسْوَأِ مِمَا كَانُواْ عَلَيْهِ!!!
فَمَاذَاْ فَعْلّتُ ....؟؟
عُدّتُ مِنْ جَدِيْدٍ ومَنَعْتُ الحَلّوَى ....ولَكِنْ هَذِهِ المَرَةِ لَمْ يِعُدْ يُهِمُهُمْ الأَمْرَ ....ولَمْ يُبَالُواْ بِيَّ !!!
فَقَدْ أَشْعَرْتُهُمْ بِأَنَنِيّ لَمْ أَغْضَبْ كََثِيْرَاً ..لِأَنَنِيَّ سُرْعَانَ مَا رَضِيْت!!!
فَهَلْ هُوَ خَطَأٌ مِنْهُم ...أَوْ خَطَأٌ مِنِيّ ...؟
/
/
/
مُلاحَظة:أُشِيرُ بالحَلّوَى لِمُقَاطَعَةِ المُنْتَجَات الدِنَمَارْكِيّة
صُورَةٌ شَوهَاءُ لِلْقَمَرْ
صورة الشمس وهي تحتضن ذلك البيت الخشبي المعتق وتغسله بضيائها فيندلق متزحلقاً على سقف البيت الخارجي ليرتمي على مروج الريف ,وأخرى للصغار وهم يسبحون في بحر أعشابٍ يموّجها النسيم,ويتقافزون على أشجار البلوط الباسقة بغرورٍ على تلٍ مخضبٍ بالجمال, ويتراشقون بماء النبع ويضحكون..
صورٌ شتى تكاثفت في ذاكرة عطيفة لتهطل دموعها مدراراً كأمطارٍ استوائية.
غادرت عطيفة بلدتها الأعجمية مع أفراد عائلتها الذين أرادوا أن ينزوا كخليةٍ في جسدٍ كبير.
تتمدد الصور في ذاكرتها المشرعة لتملأ مآقيها حنين,ثم تنكمش طاوية معها بعضُ من شوقٍ لذلك المكان.
قالت لوالدها ذات تمدد:
- أرض الغربة يا أبي أرضٌ شائكة,إن نجونا من وخزاتها مرة,فلن يكون ذلك كل مرة.
تبسم والدها وهو يعضُّ على نوى ضجّ به قلبه حنيناً لبلده و أهله,وقال:
- بنيتي الغربة غربة روحٍ,يتقلب فيها القلب بين أشواك وحدته.
صمت برهة جال خلالها بنظره على المساحات والجبال الخضراء التي كانت كمشاجبٍ عُلقت عليها الغيوم ولا تكاد تغادرها,ثم استجمع أحرفه ليُضاءل تلك الصور في عينيه,واستطرد قائلاً:
- هنا نلهث خلف صوتٍ لأذان وصورةٍ لهلال نُداري حياة أرواحنا,نستميت لأجلها,لكن هناك ستُغمر أرواحنا ببحر صدقٍ وإخاء لا ينضب,حينها سننضو أسمال الغربة,غربة الروح يا ابنتي.
أمسكت تلك الكلمات بخطام فكرها ,فأحبت ذاك الجسد,وأدركت بأن روحها آن لها أن تشرئب,آن لها أن تركن إلى الأنس ,أطرقت ملياً ومسحت حبيباتٍ متناثرة أسفل عينيها,ثم قالت:
- محق يا أبي,ما قيمة المكان إلا بأهله,وأين ستجد الروح سعادتها ما لم تجد أرواحاً مآلفة لها..؟!
***
أناخت بهم الأيام على قارعة السعادة التي انسابت مع عروقهم لتدفع بقوةٍ كل غربة وحيرة متخثرة في طريقها,الأب عمل بنّاءاً والأم كانت تجيد الحياكة فامتهنت بها ,الصغار ألحقوهم بالمدارس أما عطيفة فكانت تعين والدتها على أعمالها وتوصل المنسوجات إلى أصحابها.
***
عطيفة ترتدي عباءةً سوداء على أحد جانبيها رُتَقٌ حمراء,وتلف حول رأسها خماراً أبيضاً بالي الأطراف ,تحمل كيساً يحوي منسوجاتٍ تمت حياكتها,توقفت برهة أمام مبنى مهيب,يتوافد إليه نساء كبيرات وفتياتٍ وعددٍ كبير من الصغيرات بعضهن يمسك كتاباً كم تمنت لو أنها تقرأه كله.
بينما هي عائدة إلى المنزل قادتها أشواقها دون أن تشعر لتدخل المبنى ,فدارت في دهاليزٍ كثيرة,وما إن تلتقي بعددٍ منهن حتى تتراجع خجلاً دون أن تنبس بكلمةٍ واحدة,فإذ بها ترى إحداهن تجلس على مكتبٍ زجاجي وحدها,تقدمت نحوها عطيفة مبتسمة وقد تعانقت أسارير الفرح بداخلها بلقيا أرواحٍ تماثلها ,وكأخٍ شقيق توقع سرور أهله بمجيئه بعد غيابٍ طويل توقعت عطيفة فرح تلك برؤيتها, ألقت السلام وتعلوها ابتسامة قمرٍ رقيقة تشي بما يجول بخلدها,المرأة مذ رأتها قطبت جبينها وردت نصف السلام,جلست عطيفة على الكرسي وقالت بعربيةٍ مكسرة:
- أريد أن ألتحق هنا.
رمقتها ثم صعّرت خدها وقالت بتبرمٍ وسخرية:
- لا,لا يمكن ذلك,ربما لاحقاً.
ألحّت عطيفة عليها,فنهرتها باستعلاء:
- اخرجي..اخرجي قلت لا يمكن,هيّا اخرجي.
خرجت عطيفة بنظراتٍ وحالةٍ مناقضة تماماً للتي ولجت بها.
***
صورة القمر مكتملاً على سطح نهرٍ عذب,فإذ ببطٍ عابث يرمي بنفسه على السطح,فتتبعثر قطع القمر الأغر,ويتوارى بعض أشلاءه خلف ظله ,هكذا أصبحت صورة الجسد الذي تركت عطيفة وعائلتها بلدتهم الساحرة لأجله.
وسيظل قمراً.
الْوَصِيةْ
- السلام عليكم يا أمي الحبيبة.
وقبل رأسها وقال:
- أمي أنا جائع أين الطعام؟
- حسناً يا بني أغسل يديك,بينما أحضر الطعام.
- بسرعة,بسرعة يا أمي أنا جائع .
ذهب ليغسل يديه وجلس على المائدة ينتظر,جلس الجميع على المائدة,وبعدما تناولوا الطعام قال والد ظريف:
- أنا سأسافر اليوم لظروف عملي,وسأغيب يومين,لا تتعبوا أمكم.
ونظر إلى أكبر أبناءه ظريف وقال :
- أنت يا ظريف رجل البيت في غيابي.
رفع ظريف رأسه مبتسماً وقال:
- نعم يا أبي,أنا رجلٌ أعجبك,سافر ولا تقلق.
* * *
سافر والد ظريف,وأصبح ظريف هو الآمر الناهي على إخوته الصغار,لا يسمح لهم باللعب في المنزل,وعندما يلعبون في الفناء يأمرهم بالهدوء كي لا يزعجوا الجيران,يقول :
-العبوا بصمت أو سأخبر أبي ليوبخكم جميعاً.
قال له مجد :
- أريد أن ألعب معك بالكرة.
- لا الكرة تصدر أصوات مزعجة,وقد تكسر النوافذ,لا يا أخي الصغير لا لن تلعب مادمتُ أنا المسئول.
جلس أخوته الصغار مرغمين ينظرون إلى ظريف وهو يلعب بالكرة,ويستعرض بها أمامهم ثم قال:
-أنظروا سأرفع الكرة عالياً سأجعلها تقترب من السماء.
وركل الكرة بقوة إلى الأعلى ثم سقطت سريعاً وارتطمت بالمزهرية الكبيرة التي في مدخل البيت فتدحرجت ووقعت في الفناء و تكسرت.
عاد والد ظريف إلى المنزل, وكان ظريف يجلس بجانب أبيه وهو منكس الرأس,أستغرب والده من هدوءه,فسأل أخوته :
-مالذي حل بظريف هل هو مريض..؟!
فقالوا بصوتٍ واحد:
- لقد كسر مزهرية المدخل بالكرة.
قطب جبينه وقال :
- ماذا كسر ..؟!
ثم نظر إلى أمه وقال:
-حقاً كسرها؟
- نعم كسرها,لكنه لم يكن يقصد ذلك.
هز رأسه وقال:
- هكذا إذاً , أخبريني,هل كان يصلي في المسجد..؟
وهل صلى الفجر اليوم، أم نام عنها..؟
- نعم...كان يحرص على أداء الصلاة في المسجد,ولم يتأخر عن صلاةٍ واحدة.
ألتفت إلى ظريف وابتسم وهز رأسه وقال :
- مادمت قد صليت يا بني فقد سامحتك .
ثم نظر إلى أبنائه وقال:
- المزهرية ثمينة ,ولم أكن لأسامح أحداً قد كسرها,لكنه كان يحافظ على الصلاة فحفظه الله من عقابي.
الْلِصْ
الْسِائِقُ الْمَاهِرْ
مدينة الألعاب
قَطَعُ حَلْوَى
ما برح ذلك القلب يهدي قطع حبه على كل ذي روحٍ درج فوق أرضه,وكأنه يوزع قطع حلوى على أطفالٍ سُذّج فرحوا بها بدايةً ثم سرعان ما رشقوه بها لتقع طريحةً وقد علاها غبار إعياءٍ لصيق,لتفرح بها جماعات نملٍ أحمر فتخبئها في غياهب أوردةٍ غائرة,لتستدعيها ذات شتاءٍ نضب فيه الحب.
***
لمَ العبث بقطع الحلوى..؟!
ألا يُجدر تناولها,وإلا فالحفاظ عليها في صندوقٍ أجوف ذي أربعة غرفٍ لحين لحظة اشتهاء..؟!
***
عجيبٌ أمرهم,تُقدم لهم الحلوى على طبقٍ من إحساسٍ مرهف,لينأوا زعماً منهم بأنهم قد كبروا..!
***
ها قد نفدت قطع الحلوى,والشتاء صهر القطع المُخبئة, ولم يعد لها أثر سوى ذكرى كحبلِ مشنقة لُف على عنق تلك الأوردة.
***
والصغار يرفعون أيديهم يستجدون فتات حلوى..!
وأنّى لهم بحلوى..!
/
كل الجراح ستندمل..إلا جرح الشعور
فقلم أظافر حرفك قبل أن تصافحه ,وحاذر
كُتب بعد رُؤية قلبٍ يسارع في الخير لكل من يقابل,وبالغدر أصبح - ربما لم يبطن الشر لكنه - لم يعد يهتم ببذل الخير.
أَحْلَامٌ مَأسُورَةٌ
ذهب إلى المسجد وأخذ يملأ عينيه ويسجل في ذاكرته كل شيء,المحراب والفرش الحمراء المزركشة ,والرفوف الذهبية ومصاحف وكتيبات صغيرة وأد معها حيرته وأحزانه,وتلك الزاوية التي يهرب بمذكراته إليها من ضوضاء البيت,وجدران ساندت آماله وشحنت طموحاته.