الأحد، أغسطس 31، 2008

الْوَصِيةْ



عاد ظريف من المدرسة ونزل من السيّارةِ مسرعاً تاركاً حقيبته خلفه,رمى بحذائه وهو يجري قبل أن يدخل البيت.كانت أم ظريف تحضر الطعام وعندما سمعت صوت ظريف تركت العمل وانحنت منتظره - لأن ظريف قد يقفز ليقبل رأسها فيقع كل ما كان بيدها- دخل ظريف وقال:
- السلام عليكم يا أمي الحبيبة.
وقبل رأسها وقال:
- أمي أنا جائع أين الطعام؟
- حسناً يا بني أغسل يديك,بينما أحضر الطعام.
- بسرعة,بسرعة يا أمي أنا جائع .
ذهب ليغسل يديه وجلس على المائدة ينتظر,جلس الجميع على المائدة,وبعدما تناولوا الطعام قال والد ظريف:
- أنا سأسافر اليوم لظروف عملي,وسأغيب يومين,لا تتعبوا أمكم.
ونظر إلى أكبر أبناءه ظريف وقال :
- أنت يا ظريف رجل البيت في غيابي.
رفع ظريف رأسه مبتسماً وقال:
- نعم يا أبي,أنا رجلٌ أعجبك,سافر ولا تقلق.
* * *
سافر والد ظريف,وأصبح ظريف هو الآمر الناهي على إخوته الصغار,لا يسمح لهم باللعب في المنزل,وعندما يلعبون في الفناء يأمرهم بالهدوء كي لا يزعجوا الجيران,يقول :
-العبوا بصمت أو سأخبر أبي ليوبخكم جميعاً.
قال له مجد :
- أريد أن ألعب معك بالكرة.
- لا الكرة تصدر أصوات مزعجة,وقد تكسر النوافذ,لا يا أخي الصغير لا لن تلعب مادمتُ أنا المسئول.
جلس أخوته الصغار مرغمين ينظرون إلى ظريف وهو يلعب بالكرة,ويستعرض بها أمامهم ثم قال:
-أنظروا سأرفع الكرة عالياً سأجعلها تقترب من السماء.
وركل الكرة بقوة إلى الأعلى ثم سقطت سريعاً وارتطمت بالمزهرية الكبيرة التي في مدخل البيت فتدحرجت ووقعت في الفناء و تكسرت.
عاد والد ظريف إلى المنزل, وكان ظريف يجلس بجانب أبيه وهو منكس الرأس,أستغرب والده من هدوءه,فسأل أخوته :
-مالذي حل بظريف هل هو مريض..؟!
فقالوا بصوتٍ واحد:
- لقد كسر مزهرية المدخل بالكرة.
قطب جبينه وقال :
- ماذا كسر ..؟!
ثم نظر إلى أمه وقال:
-حقاً كسرها؟
- نعم كسرها,لكنه لم يكن يقصد ذلك.
هز رأسه وقال:
- هكذا إذاً , أخبريني,هل كان يصلي في المسجد..؟
وهل صلى الفجر اليوم، أم نام عنها..؟
- نعم...كان يحرص على أداء الصلاة في المسجد,ولم يتأخر عن صلاةٍ واحدة.
ألتفت إلى ظريف وابتسم وهز رأسه وقال :
- مادمت قد صليت يا بني فقد سامحتك .
ثم نظر إلى أبنائه وقال:
- المزهرية ثمينة ,ولم أكن لأسامح أحداً قد كسرها,لكنه كان يحافظ على الصلاة فحفظه الله من عقابي.





ليست هناك تعليقات: