عاد ظريف من المدرسة ونزل من السيّارةِ مسرعاً تاركاً حقيبته خلفه,رمى بحذائه وهو يجري قبل أن يدخل البيت.كانت أم ظريف تحضر الطعام وعندما سمعت صوت ظريف تركت العمل وانحنت منتظره - لأن ظريف قد يقفز ليقبل رأسها فيقع كل ما كان بيدها- دخل ظريف وقال:
- السلام عليكم يا أمي الحبيبة.
وقبل رأسها وقال:
- أمي أنا جائع أين الطعام؟
- حسناً يا بني أغسل يديك,بينما أحضر الطعام.
- بسرعة,بسرعة يا أمي أنا جائع .
ذهب ليغسل يديه وجلس على المائدة ينتظر,جلس الجميع على المائدة,وبعدما تناولوا الطعام قال والد ظريف:
- أنا سأسافر اليوم لظروف عملي,وسأغيب يومين,لا تتعبوا أمكم.
ونظر إلى أكبر أبناءه ظريف وقال :
- أنت يا ظريف رجل البيت في غيابي.
رفع ظريف رأسه مبتسماً وقال:
- نعم يا أبي,أنا رجلٌ أعجبك,سافر ولا تقلق.
* * *
سافر والد ظريف,وأصبح ظريف هو الآمر الناهي على إخوته الصغار,لا يسمح لهم باللعب في المنزل,وعندما يلعبون في الفناء يأمرهم بالهدوء كي لا يزعجوا الجيران,يقول :
-العبوا بصمت أو سأخبر أبي ليوبخكم جميعاً.
قال له مجد :
- أريد أن ألعب معك بالكرة.
- لا الكرة تصدر أصوات مزعجة,وقد تكسر النوافذ,لا يا أخي الصغير لا لن تلعب مادمتُ أنا المسئول.
جلس أخوته الصغار مرغمين ينظرون إلى ظريف وهو يلعب بالكرة,ويستعرض بها أمامهم ثم قال:
-أنظروا سأرفع الكرة عالياً سأجعلها تقترب من السماء.
وركل الكرة بقوة إلى الأعلى ثم سقطت سريعاً وارتطمت بالمزهرية الكبيرة التي في مدخل البيت فتدحرجت ووقعت في الفناء و تكسرت.
عاد والد ظريف إلى المنزل, وكان ظريف يجلس بجانب أبيه وهو منكس الرأس,أستغرب والده من هدوءه,فسأل أخوته :
-مالذي حل بظريف هل هو مريض..؟!
فقالوا بصوتٍ واحد:
- لقد كسر مزهرية المدخل بالكرة.
قطب جبينه وقال :
- ماذا كسر ..؟!
ثم نظر إلى أمه وقال:
-حقاً كسرها؟
- نعم كسرها,لكنه لم يكن يقصد ذلك.
هز رأسه وقال:
- هكذا إذاً , أخبريني,هل كان يصلي في المسجد..؟
وهل صلى الفجر اليوم، أم نام عنها..؟
- نعم...كان يحرص على أداء الصلاة في المسجد,ولم يتأخر عن صلاةٍ واحدة.
ألتفت إلى ظريف وابتسم وهز رأسه وقال :
- مادمت قد صليت يا بني فقد سامحتك .
ثم نظر إلى أبنائه وقال:
- المزهرية ثمينة ,ولم أكن لأسامح أحداً قد كسرها,لكنه كان يحافظ على الصلاة فحفظه الله من عقابي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق